الخميس، 2 أبريل 2020

شرح حديث: ( إذا نودى بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين .. ) - الشيخ سليمان الرحيلي

بسم الله الرحمن الرحيم

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( إذا نوديَ بالصلاةِ أدبَرَ الشيطانُ وله ضُراطٌ؛ حتى لا يسمعَ التأذينَ، فإذا قُضِي الأذانُ أقبلَ، فإذا ثُوِّبَ أدبَرَ، فإذا قُضِيَ التثويبُ أقبلَ، حتى يخطُرَ بين المرءِ ونفسِه، يقولُ: اذكُرْ كذا، اذكر كذا، لِما لم يكنْ يَذْكُر من قَبلُ، حتى يَظَلَّ الرجلُ ما يدري كم صلّى ).
رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.

-      ( إذا نوديَ بالصلاةِ ): أي إذا أذن المؤذن.

-      ( أدبَرَ الشيطانُ وله ضُراطٌ ): الضراط معروف، والحديث على ظاهره، ومن تأوله من أهل العلم فقد أخطأ، ولا حاجة إلى هذا التأويل.
والشيطان إذا سمع الأذان يخرج من البلد مسرعًا ومن سرعته يكون له ضراط، حتى يبتعد عن البلد، وسبب ذلك:
1-     لأنه خنّاس، يَـخْنَسُ عند ذكر الله عز وجل، فإذا سمع الأذان فرّ وأدبر.
2-     وقال بعض أهل العلم: إنما يفرّ بهذه الحالة وهذه الصورة لشدة جزعه من الأذان، فإن الأذان جَهْرٌ بذكر الله، ويتضمن قواعد الإسلام العظمى الشهادتين والدعوة إلى الصلاة، وهو دليل على وجود الدين، فإذا سمعه الشيطان جَزِعَ وفَزِعَ وفرّ وأدْبر وله حُصَاص أي سرعة شديدة، وله ضراط، حتى يتبعد عن البلد بعدًا شديدًا.
3-     وقال بعض أهل العلم: إنما يفرّ حتى لا يشهد للمؤذن يوم القيامة؛ لأنه ما من شيء يسمع المؤذن إلا شهد له يوم القيامة.
والأول أولى والله أعلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( حتى لا يسمعَ التأذينَ ).

-      ( فإذا قُضِي الأذانُ أقبلَ ): رجع على طبعه من الوسوسة.

-      قال العلماء: ويُؤخذ من هذا أن الشيطان لا يوسوس للإنسان حال الأذان، لأنه يفر ويهرب، فمن حدثته نفسه بسوء أو فعل سوءًا دل ذلك على خبث في نفسه.

-      ( فإذا ثُوِّب ): أي أقيمت الصلاة؛ لأن التثويب في اللغة: العودة، يُقال: ثَابَ فلان إلى رُشْدِه، إذا رجع إلى الصواب، ويقال: ثَوَّب الداعي، أي كرّر الدعاء، والإقامة سُميت تثويبًا لأن فيها معنى الأذان، فكأن الأذان كُرّر، لأنها بألفاظ الأذان غير أنها تختلف في العدد.
وقال بعض أهل العلم: لأنها تأتي ثانية فكأنها كُرّرت.

-      ( فإذا ثُوِّبَ أدبَرَ ): لم يبين النبي صلى الله عليه وسلم هنا حاله ولا إلى أين، لكنه أيضا إذا سمع الإقامة يُدبر لما فيها من مباني الدين العظيم والدلالة على الإيمان والإسلام.

-      ( فإذا قُضِيَ التثويبُ أقبلَ ): إلى الوسوسة

-   ( حتى يَـخْطرَ بين المرءِ ونفسِه ): ( حتى يَخْطُرَ ) و ( حتى يَخْطِرَ )، ضُبِط بهذا وضبطت بهذا.
-      ( حتى يَخِطِر ): أي حتى يوسوس، من الخَطَرَات.
-      ومعنى ( يخطُرَ بين المرءِ ونفسِه ): أي يحول بين المصلي وقلبه، فإذا جاء المصلي يصلي جاء يحول بينه وبين قلبه ويذكره.
تُذكر قصة لأبي حنفية رحمه الله أن رجلا فقد شيئا ثمينا عنده فجاء يشكو إلى أبي حنيفة، فقال له: صل فإنك ستجده، فذهب الرجل يصلي فجاءه الشيطان وذكره بمكان ما فقد.

-      الصلاة خير عمل بعمل لكن لن يسلم لك إلا بالجهاد من أول الصلاة إلى آخرها: بأن تجاهد نفسك عن الرياء، وتجاهد نفسك عن وسوسة الشيطان، والوسوسة لن تسلم منها لكن المطلوب أن تسلم من اِتّبَاعها والسير معها.

وفي الحديث فضل الأذان وبيان شدة وقعه على الشيطان، وهكذا كل ذكرٍ لله، يطرد الشيطان، والبيت الذي يُذكر فيه الله لا يعمره الشيطان ولا يسكنه بل يفر منه، إذا كنت تقرأ القرآن في بيتك ويقرأ ابناؤك فالشيطان يفر من بيتك، ولا سيما سورة البقرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ومالي وللدنيا

إذا جلست في غرفتك وحدك ...

إني براء من الأهواء وما ولدت...

النظر إلى الحرام

غربة أهل الاستقامة - للشيخ محمد بن هادي المدخلي

سبحان الله !! طالب علم ليس له ورد بالليل ..عشنا وشفنا - للشيخ رسلان