الثلاثاء، 23 فبراير 2021

شرح حديث: ( من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله؛ بنى الله له بيتا في الجنة ) - الشيخ سليمان الرحيلي

بسم الله الرحمن الرحيم

 

شرح حديث

 

18-2-1439هـ

 

للتحميل أو الاستماع

  

[صحيح] عن عثمانَ بنِ عفان رضى الله عنه أنَه قال عند قول الناس فيه حين بنَى مسجدَ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

إنكم أكْثَرْتُم، وإنّي سمعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( مَن بنى مسجداً -[قال بُكير: حسِبتُ أنّه قال:] يبتغي به وجهَ الله-؛ بنى الله له بيتاً في الجنة ).

وفي رواية: ( بنى الله له مثلَه في الجنةِ ).

رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

 

-    عثمان بن عفان رضي الله عنه الخليفة الراشد له فضائل كثيرة، ومن فضائله: أنه اشترى أرضا لتوسعة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوسّع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد بها.

وبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم في خلافته رضي الله عنه وأرضاه وسّع مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة القبلة، فتكلم بعض الناس، وأكثروا في تغييره لبناء المسجد، فقال رضي الله عنه وأرضاه: « إنكم أكثرتم عليّ »، أي الكلام، « وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من بنى مسجدا، يبتغي به وجه الله، بنى الله له بيتا في الجنة ) ».

وفي رواية: ( بنى الله له مثله في الجنة ).

 

-    ( من ): شرطية.

 

-    ( بنى مسجدا ): مسجد نكرة فيشمل كل مسجد سواء كان كبيرا أو صغيرا.

بشرطه

ما شرطه؟ ( يبتغي به وجه الله )، ليس رياءً، ولا سمعةً، ولا ليقول الناس إنه كريم، وإنما يبتغي بهذا البناء وجه الله، فهو مخلص لله سبحانه وتعالى.

 

-    ( بنى الله له بيتا في الجنة ): فالجزاء من جنس العمل، لكن هيهات وهناك فرق كبير بين فضل الله عز وجل وعمل العبد، فلا شك أن الجزاء من جنس العمل، لكنه أعظم، ففضل ربنا أعظم من أعمالنا.

 

-    ( بنى الله له مثله في الجنة ): قال العلماء: مثله في الفضل والشرف والمكانة؛ لأنه كما تعلمون أفضل بقاع المسلمين وأشرف بقاع المسلمين وأعلى مكانة في بقاع المسلمين إنما هي المساجد، في الدنيا في الأرض: أشرف بقاع المسلمين هي المساجد، فيكون له في الجنة بيت ليس كسائر البيوت، كما أن المسجد في الأرض ليس كسائر بيوت الناس، فيكون فيه شرف وفضل ومكانة أكثر من غيره.

 

-    وهل هو مثله في المساحة؟ يعني إذا بنى بيتا صغيرا يُبنى له بيت مثله في مساحته؟ أو بَنى مسجدا كبيرا يُبنى له بيت مثله في مساحته؟

الأظهر والله أعلم أنه يكون أكبر مما بنى، وأوسع منه، فإن فضل الله أوسع من فعل العبد، وقد أثبت الإمام الألباني في "السلسلة الصحيحة" قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة أوسع منه )، والحديث رواه البيهقي وأثبته الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة، فهو ثابت عنده.

 

-    وفي هذا حث على أن يبني الإنسان مسجدا يبتغي به وجه الله سبحانه وتعالى، ولو كان صغيرا، فإن الله يبني له به بيتا في الجنة، مثله في الشرف، وأوسع منه في المساحة والسعة.

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ومالي وللدنيا

إذا جلست في غرفتك وحدك ...

إني براء من الأهواء وما ولدت...

النظر إلى الحرام

غربة أهل الاستقامة - للشيخ محمد بن هادي المدخلي

سبحان الله !! طالب علم ليس له ورد بالليل ..عشنا وشفنا - للشيخ رسلان