الأربعاء، 1 أبريل 2020

شرح حديث: ( الطَّهور شَطْرُ الإيمان، والحمدُ لله تملأُ الميزان، ... ) - الشيخ سليمان الرحيلي

بسم الله الرحمن الرحيم
[صحيح] وعن أبي مالك الأشعريِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( الطَّهور شَطْرُ الإيمان، والحمدُ لله تملأُ الميزان، وسبحان الله والحمدُ لله تملآن -أو تملأُ- ما بين السماء والأرضِ، والصلاةُ نورٌ، والصدقةُ بُرهانٌ، والصبرُ ضِياءٌ، والقرآنُ حُجَّة لك أو عليك، كُلُّ الناس يَغدو، فبائعٌ نفسَه، فمعتقُها أو مُوبقُها )
رواه مسلم والترمذي وابن ماجه، إلا أنه قال: ( إسباغُ الوضوء شطرُ الإيمان ).
ورواه النسائي دون قوله: ( كل الناس يغدو. . . ) إلى آخره.

-      ( الطَّهور شَطْرُ الإيمان ): قال بعض أهل العلم: الطُّهور يعني الوضوء؛ ويدل لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم: ( الوضوء شطر الإيمان ) رواه الترمذي وصححه الألباني، في رواية ابن ماجه والنسائي: ( إسباغ الوضوء شطر الإيمان ).
وقال بعض أهل العلم: الطهور هنا هو الطهارة الحسية والمعنوية.

-      ( شطر ): أي نصف.
وقال بعض أهل العلم: معنى شطر جزء وليس نصف.

-      ( الإيمان ):
         1-         قال بعض أهل العلم: يعني الصلاة، قال تعالى: { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ } أي صلاتكم.
قال بعض أهل العلم أن ثواب الوضوء على النصف من ثواب الصلاة، وقال بعض أهل العلم أن ثواب الوضوء نصف ثواب الصلاة
مثال لتوضيح الفرق بين القولين: لو قلنا أن ثواب الصلاة مئة حسنة:
فعلى القول الأول يكون ثواب الوضوء خمسين حسنة، فإذا توضأ الإنسان وصلى نال مئة وخمسين حسنة.
وعلى القول الثاني ثواب الصلاة على نصفين: نصف للوضوء ونصف للصلاة، أي ثواب الوضوء خمسين وثواب فعل الصلاة خمسين، فإذا توضأ وصلى نال مئة حسنة.

وقال بعض أهل العلم أن معنى شطر: جزء وليس نصف، ( الطَّهور شَطْرُ الإيمان ) أي الوضوء جزء من الصلاة، وهو كذلك فالصلاة لا تُقْبَل إلا بوضوء.

          2-           وقال بعض أهل العلم: الإيمان هنا هو الإسلام.
   فقالوا الإسلام يهدم ما كان قبله من الذنوب كلها صغيرها وكبيرها، والوضوء يهدم ما كان قبله من الذنوب الصغائر فهو على النصف من الإسلام من هذه الجهة.

وقال بعض أهل العلم: المقصود بالإيمان هنا هو الدين (الإسلام)؛ لأن الوضوء تَطَهّر، والدين إما تطهير للنفس وإما تزكية للنفس، فالدين إما تحلية أو تخلية، والوضوء تطهير للنفس والأعمال الصالحة تزكية للنفس.

وقال بعض أهل العلم: الطهور هنا هو الطهارة الحسية والمعنوية، الطهارة من النجاسات والأحداث والشرك والرياء والحسد وغيرها، فتكون نصف الإيمان، فالإنسان إما أن يطهر نفسه أو يزكي نفسه والدين إما تطهير أو تزكية.

-      ( الطَّهور شَطْرُ الإيمان ): الحديث دل على أن العمل من الإيمان، ودل على أن الإيمان يتجزأ.

-      ( والحمدُ لله تملأُ الميزان ): ورد الحمد في القرآن الكريم في أكثر من أربعين موضعًا.

-      معنى الحمد: هو الثناء على الله بالجميل مع حبه وتعظيمه وإجلاله.

-      الحمد لله: أي الحمد كله لله.

-      الله هو المحمود على كل شيء، فهو المحمود في السراء والضراء، وله كمال الحمد سبحانه وتعالى.

-      الميزان: توزن به الأعمال يوم القيامة، والعامل يوزن يوم القيامة.
والميزان له كفتان ولسان، وقد أجمع على ذلك سلف الأمة.

-      إذا قال العبد "الحمد لله" موحدًا محبًّا معظمًا مجلاً لله فإنها تملأ الميزان.

-      ( وسبحان الله والحمدُ لله تملآن -أو تملأُ- ما بين السماء والأرضِ ):
التسبيح: هو تنزيه الله عما لا يليق بجلاله سبحانه وتعالى.
فقول "سبحان الله" معناه: أنزه الله عن كل نقص، وأنزه الله عن كل نقص في كماله، وأنزه الله عن مماثلة المخلوقين.

-      لا يوجد في الدنيا مما في الجنة إلا ذكر الله تعالى.

-      ( والصلاةُ نورٌ ):
الصلاة نور للعبد في قلبه، فإذا صلى العبد كما أُمر فإنه قلبه يستنير، ويزداد حبه للأعمال الصالحة ويزداد بغضه للمعاصي.
والصلاة نور للعبد في قبره ونور للعبد في حشره.

-      ( والصدقةُ بُرهانٌ ):
الصدقة: الإنفاق في سبيل الله، وكل إنفاق تريد به وجه الله دخل في الصدقة، حتى ما تضعه في فِيّ امرأتك إذا أردت به وجه الله دخل في الصدقة.
البرهان: أعظم الأدلة وأصدقها.
( والصدقةُ بُرهانٌ ): المعنى أن الإنفاق في سبيل الله دليل على إيمان العبد، وعلى أنه يحب الله أكثر من حبه للدنيا.
ومن وجه آخر الإنسان يوم القيامة يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، فالصدقة برهان له أنه وضعه فيما يريد الله عز وجل
قال بعض أهل العلم: وفي هذا إشارة إلى أن الإكثار من الصدقة يُسْتَر به الخلل في الإنفاق في المال.

-      ( والصبرُ ضِياءٌ ): الصبر نصف الإيمان، فالإنسان ما بين صبر على بلية وشكر على نعمة.
والصبر أصله الحبس، ومعناه أن يحبس المسلم نفسه على طاعة الله، وعن معصية الله، وعلى عدم التسخط عند وقوع البلاء.
والصبر على طاعة الله الواجبة واجب، والصبر على طاعة الله المستحبة مستحب.
والصبرُ ضِياءٌ للإنسان عند اشتداد الكربات، فمن عود نفسه الصبر فهو سلاح.

-      ( والصلاةُ نورٌ ) ( والصبرُ ضِياءٌ ): قال العلماء أن الضياء مع حرارة، ولذلك كانت الشمس ضياءً، والنور ضوء بلا حرارة، ولذلك كان القمر نورًا، والصبر نور مع حرارة تَجِدُها، فالصبر يحتاج إلى قوة، ولن تصل إلى درجة الصابرين حتى تترقى في الصبر، فَتَصبر وتصبر على الصبر.

-      ( كُلُّ الناس يَغدو، فبائعٌ نفسَه، فمعتقُها أو مُوبقُها ): الغدو هو: الخروج في الصباح الباكر، والمقصود أن كل انسان يبدأ يومه فبائعٌ نفسَه، فمعتقُها أو مُوبقُها.

-      الإنسان بائع نفسه ولابد، فإما أن يبيع نفسه لله فيعتقها من النار، وإما أن يبيعها لشيطان من الأنس أو الجن، أو يبيع نفسه لهواه فيُهلك نفسه.

-       ( إسباغُ الوضوء ): إتمام الوضوء بأن تتوضأ كما أُمرت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ومالي وللدنيا

إذا جلست في غرفتك وحدك ...

إني براء من الأهواء وما ولدت...

النظر إلى الحرام

غربة أهل الاستقامة - للشيخ محمد بن هادي المدخلي

سبحان الله !! طالب علم ليس له ورد بالليل ..عشنا وشفنا - للشيخ رسلان