الجمعة، 17 أبريل 2020

الاعتقاد الـمُجْمَل الواجب في أركان الإيمان - الشيخ سليمان الرحيلي

بسم الله الرحمن الرحيم



قال الله عز وجل: { وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ }، وقال سبحانه: { وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا }، وفي حديث جبريل المشهور أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: " ما الإيمان؟ " فقال صلى الله عليه وسلم: ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث )، متفق عليه، وعند مسلم بلفظ: ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ).

-       هذه الأصول الستة لا يكون الإنسان مؤمنا إلا إذا آمن بها، فمن لم يؤمن بالله ليس بمؤمن، ومن لم يؤمن بالملائكة ليس بمؤمن، ومن لم يؤمن بالرسل فليس بمؤمن، ومن لم يؤمن بالكتب فليس بمؤمن، ومن لم يؤمن باليوم الآخر فليس بمؤمن، ومن لم يؤمن بالقدر فليس بمؤمن.

-       والإيمان بالله إجمالا معناه:
أن تؤمن بوجود الله وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته.
الإيمان بالله إجمالا أن تؤمن بوجود الله وأنه سبحانه موجود، وأن تؤمن بربوبيته فتوحّد الله في أفعاله، وتؤمن بألوهيته وأنه المستحق للعبادة فتوحّد الله بأفعالك، وأن تؤمن بأن له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العُلى.
فمن آمن بهذا فقد آمن بالله، ثم يزداد الإيمان بالله بما سيأتي بيانه إن شاء الله، يزداد إيمان المؤمن بالله إذا عرف الأدلة على وجود الله، إذا عرف تفاصيل توحيد الربوبية، إذا عرف تفاصيل توحيد الألوهية، إذا عرف تفصيل الأسماء والصفات، فإن إيمانه يزداد، وسيأتي إن شاء الله في كلام الشيخ بيان بعض ما يتعلق بالإيمان بالله عز وجل.

-       الإيمان بالملائكة إجمالا:
أن تؤمن بأنهم خلق من نور، وأنهم موجودون حقيقة - ليس خيالا ولا وَهْما -، وأنهم لا يعصون الله ما أمرهم، وأن لهم أعمالا خاصة، وأن أعدادهم كثيرة جدا، وأن تؤمن بأسماء من ثبت النصُّ بأسمائهم، وأن تؤمن بما ثبت من أوصافهم وأعمالهم.

-       الإيمان بالكتب أجمالا:
أن تؤمن بأن الله أنزل كتبا على رسله، وتؤمن بأسماء الكتب التي ثبتت النصوص بأسمائها.

-       الإيمان بالرسل:
أن تؤمن أن الله أرسل من البشر رسلا يبلّغون رسالاته، وأنهم مبشِّرون ومنذِرون، وأن عددهم كبير، وتؤمن بأسماء من عُيّنت أسماؤهم منهم، وتؤمن ببقيتهم إجمالا، وتؤمن بأنهم صادقون، وأن خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم.

-       الإيمان بالبعث بعد الموت:
أن تؤمن بكل ما جاء في القرآن وصح في سنة النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت إلى دخول الجنة أو النار، وما في الجنة والنار، فتؤمن بذلك إجمالا.

-       الإيمان بالقدر خيره وشره معناه:
أن تؤمن بأن الله قدّر الأمور حسب ما سبق به علمه واقْتَضَتْهُ حكمته، فالقدر عن علم كان وبحكمة كان، وأن تؤمن بأن الله عَلِمَ كل شيء، فعلمه سبحانه بكل شيء قديم مُحيط ثابت، عَلِمَ في الأزل كل شيء سبحانه وتعالى، وأحاط بكل شيء عِلْما، فلم يخرج عن علمه حركة ولا سكون سبحانه وتعالى، وعلمه ثابت لا يتغيّر فلا يمكن أن يكون في الواقع خلاف علم الله سبحانه وتعالى.
وأن تؤمن بأن الله عز وجل كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى قيام الساعة.
وأن تؤمن بمشيئة الله، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يقع في خلق الله ولا من خلق الله إلا ما شاء الله سبحانه وتعالى.
وأن تؤمن بأن الله خالق كل شيء.
إذًا، علمٌ، فكتابةٌ، ومشيئة، وخلق، تؤمن بهذه الأربعة.
وأن تؤمن أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.

إذًا الإيمان بالقدر إجمالا: أن تؤمن بأن الله عز وجل قدّر كل شيء، بحسب علمه السابق، وما اقتضته حكمته سبحانه وتعالى.
وتؤمن بمراتب القدر: أن الله أحاط بكل شيء علما، وأمر القلم فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة، وأنه سبحانه شاء فلا يكون في الكون إلا ما شاء سبحانه، وأنه خلق كل شيء.
وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك أبدا، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك.
وتؤمن أيضا بأن الخير من قدر الله لحكمة، وأن الشر من قدر الله لحكمة، ولما كان لحكمة فإن الشر لا يُنسب إليه سبحانه وتعالى، وإن كان مُقَدِّرًا له خالقا له، لكنه لما كان لحكمة لم يكن الشر لينسب إلى الله عز وجل، بل هو مقتضى الحكمة التامة.

-       فإذا آمن الإنسان بهذه الأصول الستة على هذا الوجه المجمل فهو مؤمن وإن غاب عنه بعض التفصيل.

فهذه هي العقيدة إجمالا، وإذا ضبطت هذا فقد ضبطت العقيدة، ثم تزداد علما فيها بحسب ما تقرأ من كتب أهل السنة، ولذلك ينبغي علينا يا إخوة أن نهتمّ بتعليم الناس هذه الأصول الستة، ونبدأ بالإجمال، ثم بعد ذلك نفصّل لهم بحسب مقتضيات الأحوال، ليزداد المؤمنون إيمانا، وهذه الطريقة الشرعية التي جاءت في الكتاب والسنة وسار عليها علماء الأمة، وسار عليها ابن تيمية هنا، بدأ بالعقيدة إجمالا، ثم فصل ما يُحتاج إلى تفصيله في زمنه، فذكر العقيدة تفصيلا.

-       بعض أهل العلم يذكر في الإيمان بالملائكة أنهم مخلوقون من نور، ويزيد: وأن لهم أجساد، وأنه قَيْدٌ ضروري، فهل هذا صحيح؟
يقول العلماء هذا للرد على من يقول إنهم أرواح بلا أجساد، لكن هذا لا يلزم في الاعتقاد المجمل، فإذا اعتقد أنهم مخلوقون من نور وأنهم موجودون حقيقة وأن لهم أعمال خاصة وما ذكرناه فهذا يكفي في الاعتقاد المجمل.

في أي قسم من أقسام التوحيد يدخل الإيمان بوجود الله؟
هذا أصل التوحيد، كيف يؤمن بربوبية الله وبألوهيته وبأسماء الله وصفاته من لم يؤمن بوجود الله، إذًا أصل التوحيد هو الإيمان بوجود الله فهو يدخل في كل أنواع التوحيد.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ومالي وللدنيا

إذا جلست في غرفتك وحدك ...

إني براء من الأهواء وما ولدت...

النظر إلى الحرام

غربة أهل الاستقامة - للشيخ محمد بن هادي المدخلي

سبحان الله !! طالب علم ليس له ورد بالليل ..عشنا وشفنا - للشيخ رسلان