الأربعاء، 8 أبريل 2020

شرح: ( من قال حِينَ يَسْمعُ النِّداء: " اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلةَ والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته "؛ حَلَّت له شفاعتي يوم القيامة ) - الشيخ سليمان الرحيلي


بسم الله الرحمن الرحيم
[صحيح] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( من قال حِينَ يَسْمعُ النِّداء: " اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلةَ والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته "؛ حَلَّت له شفاعتي يوم القيامة ). رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.

-      ( من قال حِينَ يَسْمعُ النِّداء ): هذه الجملة محتملة أن يكون ذلك عند سماع الأذان مباشرة، وأن يكون ذلك عند الفراغ من الأذان، والظاهر والله أعلم والأقرب أنها تكون عند الفراغ من الأذان وليس في أول الأذان؛ لما تقدم في الحديث السابق في قوله ثم[1]، فهذا يدل على أن هذا الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بالوسيلة إنما يكون بعد الفراغ من الأذان والترديد مع المؤذن والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والأحاديث يفسر بعضها بعضًا.

-      ( اللهُمَّ ): يا الله، حذفت ياء النداء وعُوِّضت بالميم، ثم إن الميم نُقلت من الأول إلى الأخير للتبرك بالبداءة باسم الله سبحانه وتعالى.
-      ( اللهُمَّ رَبَّ ): قال بعض أهل العلم: رب هنا بمعنى صاحب، يعني: اللهم صاحب هذه الدعوة التامة؛ لأنه هو الذي شرعها وأمر بها سبحانه وتعالى.
وأَبَوْ أن يقولوا معناها خالق؛ لأنه هذه الدعوة تضمنت صفات الله وصفات الله ليست مخلوقة.
وقال بعض أهل العلم: رب هنا بمعنى خالق، لكن المقصود: خالق هذا الصوت الذي سمعناه وهذه الألفاظ التي سمعناها، فلا محظور في هذا.

-      ( هذه الدعوة ): أي الأذان، وهي دعوة إلى الصلاة.
-      ( التَّامَة ): هذه الدعوة تامة لأن فيها التوحيد وتمام كل شيء بالتوحيد.

-      ( والصّلاةِ القائِمَة ):
1. قال بعض أهل العلم: الصّلاةِ القائِمَة أي الـمُقَامَة.
2. لكن الصلاة لا زالت لم تُقَام، ولذلك قال بعض أهل العلم: معنى الصّلاةِ القائِمَة هنا: التي ستُقَام؛ فإن الصلاة التي أُذّن لها أُقِيمَت وإن كانت الآن ليست قائمة.
3. وقال بعض أهل العلم: الصّلاةِ القائِمَة: أي الـمُقَامَة من المؤمنين الذين أُمِرُوا بإقامتها، فليس المقصود أنها أقيمت بالإقامة وإنما المقصود أن المؤمنين يُقِيمونها كما أمرهم الله عز وجل.
4. وقال بعض أهل العلم: معنى القائمة: الدائمة، الصلاة الدائمة، التي هي باقية ما بقي الدين، فآخر ما يُفقد من الدين الصلاة.

-      ( آتِ محمدًا الوسيلةَ ): الوسيلة هي المنزلة العالية.

-      ( والفضيلة ): الفضيلة معناها: المرتبة التي يزيد بها عن سائر الخلق، ويَشْرُف بها على سائر الخلق.

-      (  وابْعَثْهُ مَقَامًا مَـحْمُودًا الذي وَعَدَّته ):
قال بعض أهل العلم: يعني أخرجه من قبره إلى المقام المحمود عند البعث.
وقال بعض أهل العلم: معناه: وآته وأَعْطِهِ، وهذا من معانيها.

-      المقام المحمود: هو الذي يُحْمَد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم محمودٌ في الدنيا ومحمودٌ يوم القيامة

-      وأما زيادة: "إنك لا تخلف الميعاد" فليست من المنكرات، وليست مما يسوغ إنكاره على قائله، وليست مما تشمئز النفس من قول قائله في آخر هذا الدعاء، لأن هذه الجملة قد وردت في أحاديث، وأسانيدها صحيحة في الحقيقة، وقد صحّحها الشيخ ابن باز، لكن الخلاف بين أهل العلم: هل هي شاذة أو ليست شاذة؟ بعض أهل العلم حكم بشذوذها، فحكم أنها ضعيفة لشذوذها وإلى هذا أميل، وبعض أهل العلم قال ليست شاذة بل هي من زيادة الثقة فَتُقال، والمقصود أن الأمر هنا واسع، فلا ينبغي التناحر ولا الإنكار.
ما نألفه نحن ونسمعه من مشايخنا الخاصين لا يعني أن غيره باطل، فقد يكون محتملًا، هو عندنا ضعيف وعند غيرنا صحيح بوجه صحيح، فأدعو نفسي وإخواني إلى أن لا يكون سبب إنكارنا ما ألفناه، لا، سبب الإنكار هو النظر في الأدلة، فإن كان الأمر منكرًا أنكرناه، وإن كان الأمر محتملًا لم ننكر لكن يمكن أن نتناقش.
والشيخ الألباني رحمه الله في "إرواء الغليل" بيّن أن الزيادة شاذ بأسلوب علمي، وهذا الذي أميل إليه، وأنا لا أقولها لكن لا إنكار على من يقولها، وكان الشيخ ابن باز رحمه الله يقول أن الزيادة صحيحة ولا حرج في قولها، وكذا سمعت من الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه يرى أنه لا حرج في قولها.


[1] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلّوا علي؛ فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرًا، ثم سَلُوا الله ليَ الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حَلَّت له الشفاعة ). رواه مسلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ومالي وللدنيا

إذا جلست في غرفتك وحدك ...

إني براء من الأهواء وما ولدت...

النظر إلى الحرام

غربة أهل الاستقامة - للشيخ محمد بن هادي المدخلي

سبحان الله !! طالب علم ليس له ورد بالليل ..عشنا وشفنا - للشيخ رسلان