الأحد، 5 أبريل 2020

شرح حديث: ( يَعجَبُ ربُّك من راعي غنمٍ في رأس شَظيَّةٍ للجبلِ، يُؤذِّن بالصلاةِ، ... ) - الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله تعالى


بسم الله الرحمن الرحيم

   
[صحيح] وعن عُقْبَةَ بنِ عامرٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( يَعجَبُ ربُّك من راعي غنمٍ في رأس شَظيَّةٍ للجبلِ، يُؤذِّن بالصلاةِ، ويصلّي، فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا يؤذِّنُ ويقيمُ الصلاة، يخافُ مني؛ قد غفرتُ لعبدي، وأدخلتُه الجنةَ ).
رواه أبو داود والنسائي.
(الشَّظِيَّة): بفتح الشين وكسر الظاء المعجمتين، وبعدهما ياء مثناة تحت مشددة وتاء تأنيث، هي القطعة تنقطع من الجبل، ولم تنفصل منه.

-      ( يَعجَبُ ربُّك ): وهذه صفة لله على ما يليق بجلال الله سبحانه وتعالى.

-      النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يعجب ربك ) بكاف الخطاب للواحد؛ قال بعض أهل العلم: لعله كان يخاطب أحد الصحابة، وقال بعض أهل العلم: بل المقصود المؤمن، يعجب ربك أيها المؤمن، وفي هذا حكمة وهي أن يكون الخطاب لكل مؤمن كأنه بمفرده، فعندما تسمع هذا تستشعر كأن النبي صلى الله عليه وسلم يخاطبك بذلك.

-      ( من راعي غنمٍ في رأس شَظيَّةٍ للجبلِ ): الشظية هي القطعة المرتفعة من الجبل التي فيها طريق يُسلك.
-      حال هذا الراعي أنه بعيد جدًا، فليس هو في الجبل فقط، وربما يكون في الجبل أناس، وإنما في رأس الشظية، أعلى قطعة مرتفعة، والغالب أنه لا يوجد فيها أحد.
ما شأنه؟ ( يؤذن بالصلاة ).

-      ( فيقول الله عز وجل ): يقول ذلك لملائكته؛ إظهارًا لشرف هذا العبد، فيشرّفه بأن يخاطب ملائكته بهذا الخطاب، ومُعَجِّبًا لهم من حاله، لأن حاله عجيب.
-      ( انظروا إلى عبدي هذا ): (عبدي)، أضافه الله إليه لمزيد التشريف.
-      ( يؤذن ويقيم الصلاة، يخاف منّي ): أي يفعل ذلك خوفًا منّي.
وفي هذا: شرف العبادة لله عز وجل إذا خلا الإنسان بنفسه، سواء في غرفته أو في بيته أو في مكان بعيد فعبد الله، فإن أجره يُضَاعف، وشرفه يزداد، لأنه إذا كان خاليًا فإنما يدعوه إلى عبادة الله الخوف من الله.
وفي هذا: شرف الخوف من الله، وأن العبد يَشْرُفُ بمقدار خوفه من الله، كلما ازداد خوفك المشروع من الله وهو الذي يجعلك تكثر من الطاعات وتجتنب المحرمات، كلما ازددت شرفا ومنزلة عند الله عز وجل، ومن خاف الله في قلبه أظهره الله شرفه لخلقه، فهذا الراعي في قطعة من الجبل لا يسمعه أحد ولا يعلم به أحد وهو راعي غنم لكنه لما خاف الله فعبد الله خوفا من الله أظهر الله عز وجل شرفه لملائكته، وقال لملائكته: ( انظروا إلى عبدي هذا ).
-      ( قد غفرتُ لعبدي ): غفرت له ذنبه
-      ( وأدخلتُه الجنةَ ): أي كتبته من أهلها، لن يدخل الجنة في هذه الحال، لكنه كُتب من أهلها، فسيدخلها يقينًا.

-      وفي الحديث مشروعية الأذان عند الصلاة ولو كان الإنسان منفردًا، يُشرع للإنسان إذا حضر وقت الصلاة ولم يكن في البلد حيث يؤذَّن أن يؤذن ويرفع صوته ولو كان لوحده، لأن رفع الصوت بالأذان عبادة، ويشهد له كل ما سمعه وكل من سمعه.
ففيه رد لقول بعضهم أن المنفرد لا يؤذن، لأن الراعي منفرد في مكان بعيد ومع ذلك أذن وأثنى الله عليه بأذانه

-      وفيه فضل الأذان وأنه سبب لمغفرة الذنوب ودخول الجنة.

-      وفيه: فضل العبادة عند الانفراد، وهذا ليس خاصًا بالأذان والصلاة، بل كونك تكف نفسك عن الحرام إذا انفردت واستحيت من الله وخفت من الله فهذه من أشرف العبادات ومن أعظم ما تنال به الثواب من الله عز وجل، وما أحوجنا إلى هذا اليوم حيث أصبحت الفتن تأتيك إلى بيتك وأنت منفرد، وتستطيع أن تكلم هذا وهذا بما شئت، فكلما استحييت من الله وخفت من الله زاد شرفك وعظم ثوابك،شرح حديث فاحرص على أن تعبد الله إذا كنت في خلوة ولو بذكر الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ومالي وللدنيا

إذا جلست في غرفتك وحدك ...

إني براء من الأهواء وما ولدت...

النظر إلى الحرام

غربة أهل الاستقامة - للشيخ محمد بن هادي المدخلي

سبحان الله !! طالب علم ليس له ورد بالليل ..عشنا وشفنا - للشيخ رسلان