السبت، 27 أغسطس 2022

شرح أحاديث في الترهيب من إنشاد الضالة في المسجد - الشيخ سليمان الرحيلي

 بسم الله الرحمن الرحيم


شرح حديث

 

1439هـ

 

للتحميل أو الاستماع



[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنه سمع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( مَن سَمعَ رجلاً يَنْشُدُ ضالةً في المسجدِ فلْيقُلْ: لا ردَّها الله عليك، فإنّ المساجد لم تُبْنَ لهذا ).

رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه وغيرهم.

- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من سمع رجلا يَنْشُد ): أي يطلب برَفْعِ صَوْت.

- ( ضالة ): الضالة في الأصل هي الضائع المفقود من الحيوان، ويُلْحَق بالحيوان في الحكم كل ما يُعتَنَى به عند فَقْدِه، كالنقود، والكتب، ونحو ذلك؛ فإن الحكمة واحدة، من نَشَدَ عن الجمل في المسجد مثله من نَشَدَ عن الكتاب في المسجد، أو نشد عن المال في المسجد، فإن المساجد لم تُبنَ لهذا.

- ( فليقل: لا ردها الله عليك ): هذا يقال بصوت مسموع، عقوبةً له وزجراً لغيره، ما لم يترتب على ذلك مفسدة أعظم، فإن الإنسان إذا رأى أنه يترتب على قولها بصوت مسموع مفسدة يقولها في نفسه، بحيث يُسْمِع نفسه، يعني الأصل لو جاءنا شخص في المسجد وقال: من رأى الجمل الأحمر؟ من رأى البقرة الصفراء؟ أن نقول: "لا ردها الله عليك"، عقوبة له وزجرا لغيره، لكن إذا كان سيترتب على ذلك مفسدة، مثلا رأينا عليه الجهل، ولو قلنا "لا ردها الله عليك" لن يعود إلى المسجد ولن يدخل المسجد فهذه مفسدة عظيمة، فنقول سرا "لا ردها الله عليك"، أو مثلا رأينا فيه من الجهل أنا لو قلنا "لا ردها الله عليك" قال وأنتم لا رد الله أولادكم وفعل بكم وفعل، وأخذ يرفع صوته في المسجد، فلا نرفع أصواتنا، وإنما نقول سرا "لا ردها الله عليك".

- ( فإن المساجد لم تُبن لهذا ): هل هي من تمام القول أو تعليل للقول؟ الأمر محتمل للوجهين، .. .

- المساجد إنما بُنيت لتُعمر بذكر الله، وبالصلاة، ولم تُبن للسؤال عن الضالة، والبحث عن الأموال، ويدخل في هذا الأوراق التي تُكتب داخل المسجد، يكتب ورقة ويعلقها في جَدر المسجد، فقدت كتابا فقدت مفتاحا، فقدت إقامة، هذا لا يجوز.

- أما في خارج المسجد ما فيه بأس، أن يكتب الإنسان ورقة على باب المسجد من الخارج أو حائط المسجد من الخارج، فهذا لا بأس به، أما في داخل المسجد فلا يجوز بأي صورة من الصور، فإن المساجد لم تُبن لهذا.


[صحيح] وعنه؛ أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( إذا رأيتُمْ مَن يَبيعُ أو يَبْتاعُ في المسجِد فقولوا: لا أرْبَحَ الله تجارتَك، وإذا رأيتُم من يَنشُد [فيه] ضالّةً فقولوا: لا [ردّ] الله عليك ).

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن غريب"، والنسائي وابن خزيمة والحاكم وقال: "صحيح على شرط مسلم". ورواه ابن حبان في "صحيحه" بنحوه بالشطر الأول.

هذا الحديث حكم عليه الشيخ الألباني بأنه صحيح.

-     "وعنه": أي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا، لا أرْبَحَ الله تجارتَك، وإذا رأيتُم من يَنشُد [فيه] ضالّةً فقولوا: لا [ردّ] الله عليك".

-     ( من ينشد [فيه] ): (فيه)، هذه لا بد منها، لفظ الحديث عند الترمذي: (ينشد فيه ضالة).

-     ( فقولوا: لا ردّ الله عليك ): ليس: لا ردها.

-     "رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب": لم يقل: حديث حسن صحيح، بل: حديث حسن غريب

-     "والنسائي": أي في الكبرى، لم يروه في الصغرى

-     "وابن خزيمة والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم": ووافقه الذهبي.

-     "ورواه ابن حبان في صحيحه بنحوه بالشطر الأول": لفظه عند ابن حبان: ( إذا رأيتم الرجل يبيع ويشتري في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك ).

 

-     قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع ): يبيع: هو البيع المعروف، يبتاع: يعني يشتري.

-     ( في المسجد، فقولوا: لا أربح الله تجارتك): دعاء عليه بأن لا يربح، والأصل أن يُقال هذا جهرا كما قلنا، إلا إذا ترتب على القول مفسدة، فإنا نقول ذلك سرا.

-     وفي هذا دليل على أن البيع في المسجد حرام، فإنه لو لم يكن حرامًا لما استحق فاعله هذا الدعاء.

وما ذهب إليه بعض أهل العلم من أن البيع في المسجد مكروه مرجوح، بل الراجح رُجْحانا بَيّنًا أن البيع في المسجد حرام، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البيع في المسجد.

-     ( وإذا رأيتم من يَنْشُد فيه ) أي في المسجد ( ضالة، فقولوا: لا رد الله عليك )، فإما أن نقول لا ردها الله عليك أو لا رَدَّ الله عليك.

-     وهذا يدل على أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإن المساجد لم تُبن لهذا ) تعليل وليس من تمام الكلام، فإنه لم يرد هنا، فدل على أن القول الذي أُمرنا أن نقوله هو: "لا رد الله عليك" أو "لا ردها الله عليك"، وعلة هذا القول أن المساجد لم تُبن لهذا.


[صحيح] وعن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه: أن رجلاً نَشَد في المسجد، فقال: مَن دعا إلى الجملِ الأحمرِ؟ فقال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا وَجَدتَ، إنما بُنيَتِ المساجدُ لما بُنِيتْ له".

رواه مسلم والنسائي وابن ماجه.

 

-     هذا الحديث الصحيح في صحيح مسلم فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ما أمرنا به، فإن رجلاً نشد في المسجد فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر، من وجد الجمل الأحمر، من نادى على الجمل الأحمر؟

-     فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ( لا وجدتَ ): وهذا دليل على أن القول ليس توقيفيا، بل يقول الإنسان ما يَردّ به عليه، لا ردها االله عليك، لا رد الله عليك، لا وجدت، ما وجدتها، أو نحو ذلك، يعني ليس توقيفيا.

-     ( إنما بُنيَتِ المساجدُ لما بُنِيتْ له ): لإقامة الصلاة وذكر الله سبحانه وتعالى.

-     فدل ذلك على أن نُشْدان الضالة والضائعات في المسجد لا يجوز، وأنه حرام، وأن فيه أذية للمسلمين، الذين يصلون في المسجد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ومالي وللدنيا

إذا جلست في غرفتك وحدك ...

إني براء من الأهواء وما ولدت...

النظر إلى الحرام

غربة أهل الاستقامة - للشيخ محمد بن هادي المدخلي

سبحان الله !! طالب علم ليس له ورد بالليل ..عشنا وشفنا - للشيخ رسلان