الأربعاء، 22 أبريل 2020

الحكم على المخالف في الاعتفاد - نصوص الوعيد - الشيخ سليمان الرحيلي

بسم الله الرحمن الرحيم


الاعتقاد في الشرع هو: ما يجب عَقْدُ القلب عليه، وهو الإيمان بأركان الإيمان وما يتعلق بها، وما يتبع ذلك مما يميّز أهل السنة والجماعة.
ماذا يُذكر في كتب الاعتقاد؟ الإيمان بأركان الإيمان وما يتعلق بها، يعني التفصيل والتفريع عن هذا، وما يميّز أهل السنة عن غيرهم من الفرق.

" فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة... ":

أي أن هذا الاعتقاد هو الاعتقاد الذي أجمع عليه أهل القرون المفضلة وأجمع عليه أهل السنة، فلا يُعلَم فيه نزاع عنهم.
فلا يحلّ لأحد أن يعتقد غير هذا الاعتقاد، وكل اعتقاد خالفه فهو بدعة مذمومة، ومن خالف هذا الاعتقاد من المسلمين فهو مخطئ يقيناً.
فإن كان قد اتقى الله وسلك الطريق المشروع غير أنه أخطأ في شيء منه، فهو مجتهد مخطئ يُرجى أن يغفر الله عز وجل له، وقد يقوم به من الأعذار ما يغفر الله له بها.
نقول: كل من خالف هذا الاعتقاد فهو مخطئ لا يتردد في تخطئته، أما الحكم عليه فإن كان قد اتقى الله ما استطاع وسلك الطريق المشروع لكنه أخطأ في بعض هذا الاعتقاد فهذا مجتهد يرجى أن يغفر الله له خطأه، وقد يقوم بمخالف هذا الاعتقاد في بعضه أعذار يغفر الله عز وجل له بها.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مناظرته: لما ذكر أن هذا اعتقاد الفرقة الناجية، قال له خصومه: هذا يعني أن كل من لم يعتقد هذا الاعتقاد فهو هالك من أهل النار، قال رحمه الله: " ليس كل من خالف في شيء من هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكا، فإن المنَازِعَ قد يكون مجتهدا -أي اتقى الله ما استطاع وسلك الطريق المشروع ونظر النظر الشرعي غير أن الله لم يهده للصواب فأخطأ في شيء من الاعتقاد- مخطئًا يغفر الله خطأه، وقد لا يكون بلغه ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة "، قد يكون جاهلا حقيقةً، ما بلغه من العلم ما تقوم عليه به الحجة، إلى قوله: " بل موجِبُ هذا الكلام -أي ما ذكره وقرأناه هنا- أن من اعتقد ذلك نجا في هذا الاعتقاد، ومن اعتقد ضده فقد يكون ناجيًا وقد لا يكون ناجيًا "، إذًا مقصود الكلام بيان أن من اعتقد هذا الاعتقاد فهو ناج لا شك في ذلك، أما من لم يعتقد هذا الاعتقاد فهو مخطئ يقينا لا شك في ذلك، لكن هل يكون هالكا؟ هل نجزم له بأنه من أهل النار؟، الجواب لا، قد يكون هالكا وقد لا يكون هالكا بحسب الاعتبار.
فالمقصود أن هذا مقام بيان الاعتقاد الصحيح الذي يجب على المسلم أن يعتقده وتحرم مخالفته، وليس مقام الحكم على من اعتقد خلاف هذا، فإن لهذا شأنًا آخر ومقامًا آخر.
وبعض الناس يأتي فيقرأ في كلام العلماء فيجد أنهم يحكمون على الفعل فيقولون هذا شرك أكبر، هذا كفر، فيقول هؤلاء العلماء تكفيريون، وهذا جهل بالشرع وبحال العلماء، فإن الحكم على الفعل لا يستلزم الحكم على الفاعل، بل الحكم على الفعل له شأن آخر.

- نصوص الوعيد بدخول النار على قسمين:
نصوصٌ وردت في الكفار، وهذه متحققة يقينًا، بشرط أن يثبت بالنص والدليل أن المتوعَّد عليه بدخول النار كفر.
وليس الوعيد بدخول النار دليلا على الكفر، فقد يُتَوَعَّدُ بدخول النار الكافر وغير الكافر، لكن إذا جاءت نصوص الوعيد في حق الكفار فهي متحققة يقينا.
والقسم الثاني: أن ترد في حق العصاة من المسلمين، كوعيد شارب الخمر بدخول النار، ووعيد الزاني بدخول النار، ووعيد القاتل عمدًا بدخول النار، فهذه تحت المشيئة، إن شاء الله عفا عنهم، بعفوه ومغفرته ورحمته، وقد تكون لهم حسنات تَرْجُح بتلك السيئات في الميزان، وقد يعذّبهم الله بمقدار ذنوبهم ثم يُخْرِجهم من النار.
إذًا ليس الوعيد بالنار دليلا على الكفر وليس لازمًا منه الوقوع.
لكن المشروع لمن يحدّث الناس أن يُـمِرَّ نصوص الوعيد على ظاهرها، وأن لا يتعرّض لكونها تحت المشيئة حتى لا يَضْعُفَ أثرها في نفوس الناس، إلا إذا حدثت فتنة وأصبح الخوارج يستعملون النصوص في تكفير عموم المسلمين فهنا تُفَسّر وتُبَيّن لدرء فتنة أهل الفتن.
وقد اختلف العلماء في هذه الفرق هل هي كافرة أو ليست كافرة؟، والذي عليه أكثر أهل السنة والذي تدل عليه الأدلة دلالة بينة أنهم ليسوا كفارا على الإطلاق، بل قد يكفر منهم من يكفر ويكون بعضهم مبتدعًا ويكون بعضهم مـخطئًا.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ومالي وللدنيا

إذا جلست في غرفتك وحدك ...

إني براء من الأهواء وما ولدت...

النظر إلى الحرام

غربة أهل الاستقامة - للشيخ محمد بن هادي المدخلي

سبحان الله !! طالب علم ليس له ورد بالليل ..عشنا وشفنا - للشيخ رسلان