الاثنين، 12 سبتمبر 2022

شرح أحاديث النهي عن التشبيك لما كان قاصدا الصلاة في المسجد أو ينتظر الصلاة - الشيخ سليمان الرحيلي

بسم الله الرحمن الرحيم

 

شرح حديث

 

1439هـ

 

للتحميل أو الاستماع



المراجعة


[صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إذا توضّأ أحدكم في بيتِهِ، ثم أتى المسجدَ، كان في الصلاةِ حتى يرجع، فلا يَقُل هكذا -وشَبَّكَ بين أصابعه- ).

رواه ابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم، وقال: "صحيح على شرطهما". وفيما قاله نظر.

 

-     هذا الحديث صححه الشيخ ناصر.

-     وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إذا توضّأ أحدكم في بيتِهِ، ثم أتى المسجدَ، كان في الصلاةِ حتى يرجع ): وقد دل على ذلك أحاديث كثيرة، أن المسلم منذ أن يخرج من بيته متطهرا قاصدا المسجد فهو في صلاة، فيجري عليه أجر الصلاة، فإذا دخل المسجد وصلى تحية المسجد أو السنة الراتبة إن كان ما صلاها في البيت وقعد فإنه كالقائم الذي يصلي قائما، يُجرى عليه أجر الذي يصلي قائما، ما دام ينتظر الصلاة،

فلو فرضنا أنه صلى العصر ثم قعد في المسجد ينتظر صلاة المغرب فإنه يُجرى عليه أجر الذي يصلي قائما، يعني أنت يا عبد الله إذا جئت من بيتك لصلاة العصر، جئت من البيت، منذ أن تخرج من البيت يُجري عليك ربنا الكريم أجر الصلاة، فإذا دخلت المسجد وقعدت في المسجد تنتظر الصلاة يجرى عليك أجر المصلي القائم، فإذا صليت كذلك، فإذا انتظرت وأنت تريد أن تبقى لصلاة المغرب فإن ربنا الكريم يجري عليك أجر الذي يصلي قائما كأنك قائم تصلي ما بين العصر إلى المغرب، ثم إذا صليت المغرب كذلك، فإن مَنَّ الله عليك فجلست تنتظر صلاة العشاء فإن الله يُجري عليك أجر الذي يصلي قائما إلى أن تصلي العشاء، فإذا خرجت من المسجد فإن الله يجري عليك أجر الصلاة حتى تصل إلى بيتك، وهذا يجعل المسلم يتعلق قلبه بالمساجد، لينال هذا الثواب العظيم.

-     قال: ( فلا يَقُل هكذا -وشبك بين أصابعه- ):

التشبيك بين الأصابع إدخال بعضها في بعض، إدخال أصابع اليدين في بعضهما، يدخل أصابع اليد اليمنى في أصابع اليد اليسرى، هذا هو التشبيك،

-     وفي هذا نهي لمن قصد المسجد أن يشبّك بين أصابعه، وهو في خارج المسجد ماشي إلى المسجد مَنْهِي عن أن يشبك أصابعه.

-     والعلة في هذا أنه في صلاة، وهو في الشارع في صلاة، وهو يمشي في صلاة، ربما يتحدث مع جاره، هو في صلاة، فهو منهي عن أن يشبّك بين أصابعه،

-     وقد ذهب جمهور العلماء الحنفية والشافعية والحنابلة إلى كراهية أو كراهة أن يشبك قاصِدُ المسجد بين أصابعه، أن هذا مكروه، وذهب المالكية إلى عدم كراهية هذا، والراجح ما عليه الجمهور أن من قَصَدَ المسجد منهيّ عن أن يشبّك بين أصابعه.

-     قال المنذري: "والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما"، وفيما قاله نظر": أي أنه صحيح لكنه ليس على شرط الشيخين.

 [صحيح لغيره] وعن كعب بن عُجْرةَ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( إذا توضأ أحدُكم ثم خرجَ عامداً إلى الصلاةِ، فلا يشبِّكَنَّ بين يديه، فإنه في صلاةٍ ).

رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد، والترمذي -واللفظ له- من رواية سعيد المقبري عن رجل عن كعب بن عُجرة، وابن ماجه من رواية سعيد المقبري أيضاً عن كعب، وأسقط الرجل المبهَم.

 

هذا الحديث حكم عليه الشيخ الألباني بأنه صحيح لغيره، وعن كعب بن عُجْرةَ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامدا إلى الصلاة ) قاصدا إلى الصلاة، يعني يريد المسجد، ( فلا يشبّكن بين يديه فإنه في صلاة )، وهذا فيه ما تقدم، أن من قصد المسجد يريد الصلاة منهيّ عن أن يشبك بين يديه، فلا يشبّك أصابعه في بعضها.

 

وفي رواية لأحمد قال: "دخل عليَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المسجدِ، وقد شبّكتُ بين أصابعي، فقال: ( يا كعب، إذا كنتَ في المسجد فلا تُشبّكَنَّ بين أصابعِك، فأنتَ في صلاةٍ ما انتظرتَ الصلاة ) ".

ورواه ابن حبان في "صحيحه" بنحو هذه.


-     "دخل عليَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المسجدِ، وقد شبّكتُ بين أصابعي": هذه الرواية شبّك بين أصابعه وهو في المسجد، الحديثان الأولان: لقاصد المسجد، أما هنا لمن كان في المسجد

-     فقال: ( يا كعب، إذا كنتَ في المسجد فلا تُشبّكَنَّ بين أصابعِك، فأنتَ في صلاةٍ ما انتظرتَ الصلاة ): فدل هذا يا اخوة على أن الذي في المسجد وينتظر الصلاة مَنهيٌّ عن تشبيك أصابعه،

يعني: أنت أتيت ودخلت المسجد، صليت تحية المسجد وجلست، تنتظر الصلاة، مَنْهِي عن أن تشبّك بين أصابعك

صليت العصر وجلست في المسجد تنتظر صلاة المغرب، في نيتك انتظار صلاة المغرب، أنت منهي عن أن تشبك بين أصابعك ما دمت تنتظر الصلاة.

-     وقد ذهب الجمهور الحنفية والشافعية والحنابلة إلى كراهية التشبيك في المسجد، ما دام ينتظر الصلاة، وذهب المالكية إلى الجواز وعدم الكراهة.

-     ويُفهم من هذه الأحاديث أن تشبيك الأصابع في الصلاة منهي عنه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم علّل، قال: ( فأنت في صلاة )، فكيف إذا كان في الصلاة حقيقة،

وقد اتفق العلماء حتى المالكية هنا على أن التشبيك في الصلاة منهي عنه، لكن جمهورهم على أن هذا للكراهة، وذهب بعض الحنفية إلى أنه للتحريم، وهذا عندي أظهر والله أعلم، أن التشبيك في الصلاة محرم، وإن كان جمهور الفقهاء على أنه مكروه، وإنما قال بعض الحنفية إنه مكروه كراهية تحريم،

لأن ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما يدل على التحريم، فإن علة النهي عن التشبيك، اختلف فيها العلماء:

فقال بعض أهل العلم: لأن التشبيك من أفعال الشيطان، لكن الحديث الوارد في هذا ضعيف، أيضا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شبّك بين أصابعه، فهذا التعليل غير صحيح.

وقال بعض أهل العلم: لأن التشبيك يدعو إلى الكسل والنوم، وهذا أيضا ضعيف بعيد.

وقال بعض أهل العلم: لأن التشبيك في حال العبادة تشبّه باليهود في حال عبادتهم، فقد سُئِل ابن عمر رضي الله عنهما عن الرجل يصلي وهو مشبّك يديه، فقال: "تلك صلاة المغضوب عليهم"، رواه أبو داود وصححه الألباني.

فابن عمر سُئل عن صلاة الرجل وهو مشبك أصابعه، وهو يصلي، فقال تلك صلاة المغضوب عليهم، يعني تلك صلاة اليهود، هكذا يفعلون في عبادتهم، ولا شك أن التشبه باليهود في العبادة حرام، ولذلك يظهر والله أعلم أن تشبيك الأصابع حال الصلاة محرم، وحال قصد الصلاة أو انتظار الصلاة مكروه.

وأنا لم أقف على من قال إنه حرام أعني حال قصد الصلاة أو انتظار الصلاة، أما حال الصلاة فقلت لكم إن بعض الأحناف نصوا على أنه حرام وهذا عندي أقرب والله أعلم.

 

-     فهذه الأحاديث تدل على أن التشبيك في الصلاة منهي عنه، سواء كان الإنسان في الصلاة حكماً أو حقيقةً، متى يكون في الصلاة حكما؟ إذا كان قاصدا أو كان ينتظر، ومتى يكون حقيقة؟ إذا كان يصلي.

-     أما إذا فرغ من الصلاة فإنه يجوز له أن يشبّك بين أصابعه ولو في المسجد.

فرغ من الصلاة ويريد أن يخرج لكن جالس في المسجد ثم يريد أن يخرج ما ينتظر الصلاة التالية، يجوز له أن يشبك بين أصابعه، لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قام إلى خشبة معروضة في المسجد، فاتكأ عليها كأنه غضبان، وشبّك بين أصابعه، هذا معروف في حديث ذي اليدين، لما سلم النبي صلى الله عليه وسلم من ركعتين، نسيانا، ثم قام إلى ناحية المسجد، واتكأ على خشبة معروضة في المسجد، وشبك بين أصابعه، فالنبي صلى الله عليه وسلم هنا شبك بين أصابعه وهو في المسجد، لأنه يظن أنه انتهى من الصلاة، سلم من ركعتين، الصلاة رباعية إما العصر أو الظهر، سلم من ركعتين ظانا أنه انتهى من الصلاة سهوا منه صلى الله عليه وسلم، فشبّك بين أصابعه، فدل ذلك على أن من قضى صلاته يجوز له أن يشبك بين أصابعه ولو كان في المسجد.

هذا الذي يظهر والله أعلم.


__________________________________________________


 

مراجعة تمت في مقدمة الدرس اللاحق:

 

-     قلنا ان التشبيك هو إدخال أصابع إحدى اليدين في الأخرى، أن يُدخل أصابع إحدى اليدين في الأخرى.

-     وتحصل عندنا أن التشبيك إن كان في الصلاة الحقيقية حيث يصلي المسلم فهذا حرام لأنه تشبه باليهود في صلاتهم.

-     وإن كان في الصلاة الحُكمية وذلك إذا كان الانسان قاصدا الصلاة، توضأ مثلا في بيته ثم خرج قاصدا الصلاة فهو في صلاة حكمًا كما سيأتينا اليوم إن شاء الله عز وجل، وكذلك إذا كان ينتظر الصلاة قبل إقامة الصلاة أو كان ينتظر الصلاة بعد الصلاة.

فالتشبيك في الصلاة الحكمية مكروه، وذلك أن الصلاة الحكمية أخف من الصلاة الحقيقية؛ ولذلك يجوز فيها الكلام والاكل والشـرب وغير ذلك من المباحات، فهي أخف من الصلاة الحقيقية.

-     ويستثنى من الكراهة هنا التشبيك من أجل التعليم والبيان، فإنه يجوز، لو كان الانسان يمشي من بيته مع أخيه وذكر لأخيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( المؤمن للمؤمن كالبنيان ) وشبك بين أصابعه تعليمًا وبيانًا، فإن هذا جائز ولا حرج فيه وليس مكروها.

-     وإن كان المصلي قد فرغ من صلاة الفريضة وبقي في المسجد لكنه يريد أن يخرج منه قبل الفريضة التالية فإنه يجوز له أن يشبك أصابعه ولا حرج في هذا.



ومالي وللدنيا

إذا جلست في غرفتك وحدك ...

إني براء من الأهواء وما ولدت...

النظر إلى الحرام

غربة أهل الاستقامة - للشيخ محمد بن هادي المدخلي

سبحان الله !! طالب علم ليس له ورد بالليل ..عشنا وشفنا - للشيخ رسلان