الثلاثاء، 17 مارس 2020

شرح حديث ( تَبلغ الحِلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء ) - الشيخ سليمان الرحيلي


بسم الله الرحمن الرحيم 
ولمسلم من رواية أبي حازمٍ قال"كنت خَلْفَ أبي هريرةَ وهو يتوضّأ للصلاةِ، فكانَ يَمُدُّ يَدَه حتى يَبلُغَ إبطَه، فقلتُ له: يا أبا هريرةَ! ما هذا الوضوءُ؟ فقال: يا بَني فَرُّوخَ أنتم هاهنا؟ لو علمتُ أنّكم ههنا ما توضّأتُ هذا الوضوءَ، سمعت خليلي رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( تَبلغُ الحِليةُ مِنَ المؤمنِ حَيثُ يَبلغُ الوُضوءُ ).ورواه ابن خزيمة في "صحيحه" بنحو هذا، إلا أنّه قال: سمعتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ( إنّ الحِليةَ تبلغُ مَواضعَ الطَّهور ).

-      أبو حازم الأعرج سلمان الأشجعي الكوفي من الموالي، وقيل أنه جالس أبا هريرة خمس سنين.
-      كان أبو هريرة يظن أنه بمفرده، وما كان يتوضأ هكذا أمام العامة، لأنهم لم يكونوا يعرفون هذه الصفة، وهنا فائدة: أن الإنسان قد يترك الفضيلة إذا علم أنها فتنة للناس، وكذلك: ينبغي على العالِمِ أن ينتقي لطلابه من العلم ما ينفعهم ولا يفتنهم أو يَشْغَلهم عن مُهِمّات أمورهم، ما لم يكن في حَدِّ الفرائض والواجبات أو ترك المحرمات فلابد من بيانِـها.
-      "إبطه" بإسكان الباء، وهذه هي اللغة المشهورة، وبعض أهل العلم يرى أنها اللغة الصحيحة، وبعض أهل العلم يرى أنها بكسر الباء.
-      أبو هريرة رضي الله عنه كان يغسل يده من أطراف الأصابع إلى أن يبلغ منتهى يده.
-      "فَرُّوخ": قيل أنه أحد أبناء إبراهيم، وهو جد العَجَم، وهي كلمة فارسية معناها: السعيد.
-      "يا بَني فَرُّوخَ": قال بعض أهل العلم أنه يقصد أبا حازم لأنه من العجم الذين أسلموا، وكان رقيقًا وأُعتق، وظاهر العبارة أن أبا حازم لم يكن بمفرده.
-      "خليلي": تأتي بمعنى صديقي، من الخَلّة أو الخُلّة بمعنى الصداقة، وسمي كذلك لأنه يَسُدّ حاجة صديقه، وتأتي بمعنى الْمُحِب التام المحبة الذي لا خلل في حبه ولا نقص، وهو المراد هنا.
-      الحِلية: قيل هي الغُرّة والتَحْجِيل، وقيل: ما يُـحَلى به أهل الجنة من الأساور في الأيدي والأرجل، ويشهد لهذا المعنى حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تبلُغُ حِليةُ أهلِ الجنَّةِ مبلغَ الوضوءِ ) رواه ابن حبان[1] وصححه الألباني.
-      دلّ هذا على أن الناس يتفاوتون في هذه الحِلية بحسب وضوئهم.
وفهم بعض أهل العلم أن هذا التفاوت بالمبالغة في الوضوء والزيادة في غسل الأعضاء، وهذا ما فهمه أبو هريرة رضي الله عنه، وهذا مرجوح، والراجح أن التفاوت بحسب عنايتهم بالوضوء والتكميل للسنة في الوضوء.
-      لأهل الوضوء فضيلتين: الحِلية في الجنة ويكون تَمَامها وطولها وكِبرها بحسب تمام الوضوء، ويُدْعَوْن يوم القيامة غُرًّا مُحجليل.
-      )  إنّ الحِليةَ تبلغُ مَواضعَ الطَّهور ) أي مواضع الماء في الوُضوء.



[1]  "صحيح ابن حبان" ((1045.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ومالي وللدنيا

إذا جلست في غرفتك وحدك ...

إني براء من الأهواء وما ولدت...

النظر إلى الحرام

غربة أهل الاستقامة - للشيخ محمد بن هادي المدخلي

سبحان الله !! طالب علم ليس له ورد بالليل ..عشنا وشفنا - للشيخ رسلان